• في ثاني لقاءات (تجربتي) لمجلس شباب الأعمال التركي

    12/01/2009

    الأزمة الاقتصادية العالمية ليست الأولى لكنها الأضخم والأخطر
    في اللقاء الثاني ضمن سلسلة لقاءات برنامج (تجربتي) لمجلس شباب الأعمال بغرفة الشرقية تحدث رجل الأعمال (عضو مجلس ادارة الغرفة سابقا) عبدالعزيز بن علي التركي عن العديد من المحطات في نشاطه الاقتصادي، والاجتماعي، وتجربته في عالم الأعمال، والعمل التطوعي،
    و أوضح في بداية حديثه انه ـ وغيره من رجال الأعمال ـ تعلموا كثيرا ممن سبقوهم  من رجال الأعمال، فتجربته الحالية  هي نتاج لما اكتسبه في الطفولة من والده الذي كان عسكريا جادا، انتقل إلى العراق بحثا عن الرزق، ثم عاد إلى الرياض في عهد الملك عبد العزيز (يرحمه الله) ، انتقل إلى الظهران عام 1948  في المنطقة الشرقية كضابط مرور، وهي التي كانت محطته الأخيرة. ففي هذه المرحلة اكتسب عدة قيم أهمها: (الانضباط والالتزام، والصدق والأمانة والثقة والتعبير عن النفس،
    وعن مرحلة الدراسة التي ابتدأت من إحدى مدارس ارامكو المسائية، ثم الانتقال إلى بيروت، ثم الدمام، ثم بيروت مرة أخرى، إلى الالتحاق بجامعة جورج واشنطن والحصول على شهادتي البكالوريوس في ادارة الأعمال، والماجستير في التسويق العالمي ـــ  يقول التركي انه اكتسب منها (الثقة بالنفس، والجدية، والخبرات المتعددة، وتحمل المسؤولية، وحب القراءة والمطالعة)،
     وبعد التخرج  في عام 1972، يقول التركي أن رغبته كانت باتجاه  الالتحاق بشركة ارامكو، لكنه اتجه نحو العمل في التجارة بناء على رغبة وطلب أخيه، الذي كان قد  أسس عمله الخاص، فبدأ معه، وكانت هذه أولى تجاربه في مجال التجارة، وقد اكتسب خلالها خبرات حول كيفية ادارة العمل، قراءة الميزانيات، كيفية استقطاب الكفاءات، والتعامل مع الشركاء الأجانب".. مضيفا أنه وبعد عدة سنوات  قام بالتعاون مع أخيه صالح التركي (رئيس غرفة جدة حاليا)، بإنشاء شركة نسما للمقاولات ، معتمدا على عدة مرتكزات أهمها : الجودة، والاهتمام بالعنصر البشري،
    وقال التركي أنه بعد سنوات من الخبرة، بدأ يفكر في الاستقلال التام وإنشاء عمل خاص به، فكانت خطوة شراء حصص الشركاء في روابي للتجارة والمقاولات، في عام 2000 ، مستفيدا من خبراته السابقة، وقدرته على التخطيط، والعلاقات المهنية التي استطاع تكوينها، ودراسة سوق العمل، والاعتماد على فريق عمل فعال.
    وقال التركي إن أسس العمل  لديه عتمد على التخطيط السليم، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، واللامركزية في العمل، وتفويض الصلاحيات، وخلق بيئة عمل مناسبة، وجذب الكفاءات السعودية المؤهلة، والعمل كفريق واحد، واستخدام الأسس الادارية الحديثة في تحفيز الموظفين (من قبيل الاستماع لآرائهم ومقترحاتهم، وإشعارهم بالانتماء إلى المؤسسة، والإنصات لهم)، فصل الملكية عن الإدارة (فليس بالضرورة أن يكون المالك مديرا، وليس عيبا لمن ليس لديه المقدرة على ادارة شركته أن يعتمد على غيره في ذلك، بل العيب هو الإصرار على الخطأ)، الإدارة بالأهداف، وان نكون قدوة لباقي الموظفين، والاحترام المتبادل في مكان العمل وعدم التعامل بفوقية،
    وتلت تلك المرحلة ـ حسب التركي ـ   مرحلة  (التخطيط السليم لكل مرحلة ورسم طريق العمل) فقد قسمها التركي إلى ثلاث مراحل فرعية هي : (البناء) وفيها تم التركيز على تحقيق أرباح للشركات القائمة، والعمل على إعادة هيكلتها، ثم (التوسع المحلي)  المتمثل في إنشاء شركات متخصصة، ثم (التوسع الخارجي) من خلال إنشاء شركات مختلطة ، مع التركز على الشركات المتخصصة في التقنية.
    أما المرحلة الثالثة (تطوير العمل)، فقد تمثلت ـ كما يقول التركي ـ في دراسة المرحلة السابقة لمعرفة أسلوب العمل وتلافي أي سلبيات أو معوقات، وإعداد الشركة للمستقبل، فقد تم التعاقد مع شركة إدارية متخصصة لمراجعة رؤية ورسالة الشركة وقيمها وفلسفتها في العمل،
    يقول التركي : " إن الشركة جزء من المجتمع تتفاعل معه، وبالتالي تم تطوير رؤية الشركة لتكون المورد الإقليمي الرائد للمنتجات والخدمات لنطاق متنوع من الصناعات الرئيسية، وبهذا نساهم في التطور الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي في البلاد التي نعمل بها.. و سوف نحقق رؤيتنا من خلال التطور المستمر المنبثق من بيئة عملنا ومن خلال الشراكات الإستراتيجية، والالتزام طويل الأمد بتوفير خبرات تقنية قوية، ومنتجات وخدمات عالية الجودة، شبكة قوية من العلاقات التجارية، وبيئة عمل محفزة واحترافية، ونلتزم في كل ما نفعله بقيمنا الأساسية وهي الأمانة والتركيز على العميل، والاحترافية، وتطوير العنصر البشري، والمسؤولية الاجتماعية للشركات"
    ويضيف انه من الأهداف الرئيسية التي طرحت عند الاجتماع مع الشركة الاستشارية هو التركيز على حوكمة الشركات، وفصل الملكية عن الإدارة، وفي الهيكل التنظيمي الجديد للمجموعة قمنا بتعيين مجلس عائلة يكون عوضا عن الجمعية العمومية، بحكم أن الشركة شركة عائلة، ويكون لها حق منح الثقة لمجلس ادارة الشركة، وله الحق في تعيين مجلس الإدارة أو عزله.. كما أن لمجلس العائلة دورا أساسيا في وضع الأسس والقواعد الخاصة بالعائلة ورفعها لمجلس الإدارة، بينما تكون مهمة مجلس الإدارة وضع الأسس والقواعد المختصة بالعمل ورفع توصيات سير العمل للعائلة.
    وفي سؤال حول رؤيته للاقتصاد السعودي على ضوء الأزمة العالمية قال أن المشكلة التي تواجه العالم اليوم أنها مشكلة لا يعرف احد حجمها، هل وصلت إلى القاع أم أن هناك أشياء أخرى سوف تظهر في المستقبل..  إن الأزمة الاقتصادية الحالية ليست أول أزمة تطال الاقتصاد العالمي،  ولكنها أضخم أزمة، فلا احد يعرف مداها، ولأول مرة في التاريخ الرأسمالي نجد أن الدولة الرأسمالية الأم (أمريكا) تعمل عكس مبادئها الرأسمالية، فقامت بشراء البنوك والشركات، في حين كان الرئيس الامريكي في وقت سابق ينتقد الصين لأنها كانت تقوم بهذا العمل نفسه. وبالنسبة  إن المحرك الأساسي للتنمية هو الدولة، التي تعتمد على صناعة النفط وعائداته، وكل ما يأتينا هو من الوزارات المعنية، وما نعرفه حقيقة هو أن احيتاطياتنا قوية، وطالما بنوكنا تجاوزت الصدمة فهي بعيدة عن الانهيارات، لأن مؤسسة النقد العربي السعودي حمت هذه البنوك من المغامرات ، أما أين يتجه اقتصادنا فهذا ما تحدده نفقات الدولة، وما تقوم به الدولة، بالتالي يمكن القول أن هناك حالة من الاطمئنان ..
    وفي إجابة على سؤال عن تحديات السعودة، في المجموعة قال التركي، هناك مجالات يتقبلها الكادر السعودي، ويقبل على العمل فيها، وهناك مجالات لا يتقبلها، ففي الماضي لم يكن يعيب المواطن السعودي  العمل في أي مجال مادام العمل شريفا، لذلك كانت أول مناقصة أخذناها من ارامكو السعودية في الستينات كان جميع العمال سعوديين، بينما نحن في عام 2009 ننفذ العمل نفسه ولكن بدون سعوديين، فالطفرة كانت سيئة علينا في هذا المجال،
    وعن اختلافات الشراكاء، وكيفية التعامل معها، قال التركي أن الكثير من الشراكات تخلق اختلافات في وجهات النظر، وكل شراكة لا تقوم على اسس صحيحة تنتهي بالفشل، لأننا مجتمع مجامل، ولذلك ينبغي أن تكون الشراكات متكافئة، تتم بالحسنى وتنتهي بالحسنى، دون محاكم أو عداوات .
    وذكر أن عدد العاملين في المجموعة  يصل إلى  3500 موظف، تصل نسبة السعودة في بعض الشركات إلى  حوالي 60%  إذ تتعامل المجموعة باستثمارات تصل إلى 2800 مليون ريال (2.8 مليار ريال).. كما أن لدينا وظائف نسوية (ويعمل لدينا 50 سيدة)، وهناك وظائف لذوي الظروف الخاصة، وأبوابنا مفتوحة لهم، ونعتقد اننا مقصرون في استقطابهم. . مشيرا إلى أن مسألة التوظيف تسير وفق اسس منطقية، تشمل حتى افراد العائلة، فلا نفرض على احد منهم العمل في الشركة، ولكن إذا ما رغب الواحد منهم في ذلك فيكون مثله مثل أي موظف، جدارته وكفاءته هي التي تمنحه المناصب والمواقع في العمل، علما أن لدى الشركة برنامجا للتطوير العلمي للموظفين، فبعض موظفينا يواصلون دراساتهم الجامعية على حساب الشركة،  في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الجامعات المحلية والخليجية.
    وتحدث عن العمل التطوعي وقال  : العمل التطوعي واجب على الجميع، ولسنا نريد من رجال الأعمال أموالا فقط،  لدعم المشروعات  التطوعية، بل نريد جزءا من الوقت لخدمة هذه الأعمال، فالوقت الذي يبذل في هذا السبيل ليس هباء، بل له مردود ايجابي على العامل نفسه، قبل غيره.. مشيرا إلى أن توجهنا للعمل التطوعي متواضع بالقياس مع الغربيين ، رغم أنها ثقافة قد حث عليها ديننا الحنيف، واجد إننا بحاجة إلى المزيد من المشروعات التطوعية، التي لا يقتصر دورها على سكان المدن، بل تتعدى ذلك إلى سكان الأرياف والهجر، لذلك في مارس المقبل سوف تكون لدينا سيارة متنقلة تضم اخصائيين واستشاريين تقوم بالاتصال بالناس في الأطراف، لمتابعة أمراض السرطان،  ومن ثم إرسال التقارير، وتحويل المرضى إلى المراكز الصحية المعنية بتقديم العلاج لهم.
    وقال أن برنامج سباق الجري الخيري (وعلى مدار 14 عاما) يهدف تعويد الطلبة على العمل الخيري، وفي كل عام نتناول هدفا معينا، ندعم توجهات معينة، مثل معالجة بعض الأمراض الوراثية، أو أمراض المنغوليا، أو التعريف بأمراض السرطان وغير ذلك، وفي هذا العام سوف نركز على ظاهرة العنف الاسري، ونجاحنا في هذه البرامج نابع من تفاعل الجميع، ودعم مقام إمارة المنطقة الشرقية. . اما جمعية السرطان فهي فكرة تبناها مجموعة من رجال الاعمال وهي جمعية تعمل على مستوى المملكة، وأقمنا عدة فعاليات في كل من الكويت والبحرين والامارات العربية المتحدة، وسوف نشارك في بعض الفعاليات في اليمن، كما إننا مؤسسون لمركز مكافحة السرطان في الخليج.. أما جمعية السكر فقد تأسست قبل 27 عاما، ولم تحصل على ترخيصها إلا قبل عامين، ومع ذلك كانت تواصل جهودها، وتسعى لتقديم خدماتها التطوعية.
    وذكر انه مر بتجارب عمل فاشلة منها تجربة التجارة في سوق الذهب، وتنفيذ مشروع من الباطن مع شركة تركية، وكانت العبرة من هذه التجارب هي عدم الدخول في أي مشروع ما لم تعرف عواقبه، وعدم التعامل مع أي شركة إلا بعد التحقق من وضعها المالي.. وشدد أن النجاح لا يأتي سريعا، وإنما يأتي بالجهد والعمل المتواصل والتخطيط السليم، فضلا عن الإنسان لا ينجح بدون فريق عمل جيد ، ودون أن تكون له أسرة تسنده في المنزل، والتوازن بين المنزل والعمل ضرورة هامة في النجاح، فليس سليما أن ينقل الواحد منا عمله إلى المنزل، فهذا خلط يؤدي إلى الفشل، خاصة وان الأسرة لها حقوقها..
    ونوه إلى أن مؤشر النجاح في الشركة ليس في الربح المادي فقط، بل هناك مؤشرات أخرى  ينبغي النظر إليها مثل التطوير والتدريب وبيئة العمل وتطور العنصر البشري.
    يذكر أن اللقاء  الذي أداره عضو مجلس شباب الأعمال حسين عسيري قد شهد حضور رئيس مجلس ادارة غرفة الشرقية عبد الرحمن بن راشد الراشد، وأمين عام الغرفة عدنان بن عبدالله النعيم، ومساعد الأمين العام لشؤون اللجان عبد الرحمن الحمين، ومساعد الأمين العام للشؤون الادارية والمالية سامي بو سريح، والرئيس التنفيذي لمجلس شباب الأعمال يوسف المجدوعي، وعدد كبير من أعضاء المجلس، ورجال الأعمال، وممثلي وسائل الإعلام المحلية.. كما شهد اللقاء حضورا نسائيا فاعلا.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية